الاثنين، 7 أكتوبر 2013

قتل عمد . شروع. جريمة " أركانها ". قصد جنائى . إثبات " بوجه عام " . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب".

لما كان الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بقوله أنها : " تتحصل فيما أثبته وقرر به الرائد ...... رئيس مباحث قسم ...... أنه نفاذاً للإذن الصادر من النيابة في المحضر رقم ...... لسنة ..... إدارى قسم ...... بضبط وإحضار كل من (1) ...... (2) ...... قام بضبط المذكورين وبمناقشتهما أقرا له بارتكابهما للواقعة محل المحاكمة وذلك بأنهما قد اتفقا فيما بينهما على سرقة الدراجات البخارية ذات الثلاث عجلات " توك توك " بشكل عشوائى وذلك بأن يقوم الأول بالوقوف إلى جانب الطريق ويستوقف أحد قائدى التوك توك في حين يتوجه الثانى مستقلاً دراجة بخارية مستأجرة وبالفعل قام المتهم الأول باستيقاف التوك توك قيادة المجنى عليه ...... وطلب منه توصيله إلى ناحية بيشه إيد واستقل التوك توك وتعقبه شقيقه الثانى وقبل الوصول إلى المكان المحدد طلب الأول من المجنى عليه التوقف لقضاء حاجته وأثناء نزوله قام بالاستيلاء على مفاتيح التوك توك ولحقه شقيقه الثانى حيث قام كل منهما بتكبيل المجنى عليه باستخدام حبل ستارة التوك توك وحال مقاومة المجنى عليه لهما قاما بخنقه باستخدام ذلك الحبل وألقياه في مياه بحر موسى للتخلص من الجثة وقاما بالاستيلاء على التوك توك ونظراً لسوء حالة التوك توك قاما بفك أجزاءه وقاما ببيعها وألقيا بالتوك توك في الترعة للتخلص منه " ، كما تحدث الحكم المطعون فيه عن نية القتل بقوله : " لما كان ذلك وكان الثابت من أقوال المتهمين بتحقيقات النيابة في القضية رقم ...... لسنة ...... أنهما قاما باستيقاف التوك توك قيادة المجنى عليه لسرقته وأنهما قاما بتكبيله بحبل ستارة التوك توك وقد تطابقت أقوال شاهدى الواقعة الأول والثانى على ما ورد بتقرير الصفة التشريحية لكيفية إزهاق روح المجنى عليه إذ جاءت وفاته ناتجة عن إسفكسيا الخنق الجنائى نتيجة التفاف جسم لين وخشن بإحكام وجذبه بقوة وهو ما يؤكد صحة التصوير الذى أدلى به المتهمين الأول والثانى لشاهدى الواقعة وهو ما أكدته تحرياتهما السرية ومن كل ما سبق فإن نية إزهاق الروح متى توافرت بقيام المتهمين بخنق المجنى عليه باستخدام حبل ستارة التوك توك وذلك عند محاولة مقاومتهما ولم يتركاه حتى تأكدا من مفارقته الحياة وقد بات ظاهراً وجلياً تصميم المتهمان على نية إزهاق روح المجنى عليه في أوضح صورة إذ وحسبما قررا بأنهما تركاه غارقاً في مياه بحر موسى ولم يتركا المكان إلا وقد تأكدا من وفاته وهو ما يدل يقين المحكمة على توافر قصد القتل في حق المتهمين " . لما كان ذلك ، وكانت جناية القتل العمد تتميز قانوناً عن غيرها من جرائم التعدى على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجاني من ارتكابه الفعل الجنائى إزهاق روح المجنى عليه ، وكان هذا العنصر ذا طابع خاص يختلف عن القصد الجنائى العام الذى يتطلبه القانون في سائر الجرائم وهو بطبيعته أمر يبطنه الجاني ويضمره في نفسه ، فإن الحكم الذى يقضى بإدانة المتهم في هذه الجناية أو الشروع فيها يجب أن يعنى بالتحدث عن هذا الركن استقلالاً أو استظهاراً بإيراد الأدلة التى تكون المحكمة قد استخلصت منها أن الجاني حين ارتكب الفعل المادى المسند إليه كان في الواقع يقصد إزهاق روح المجنى عليه ، وحتى تصلح تلك الأدلة أساساً تبنى عليه النتيجة التى يتطلبها القانون يجب أن يبينها الحكم بياناً واضحاً ويوجهها إلى أصولها في الدعوى، وأن لا يكتفى بسرد أمور دون إسنادها إلى أصولها إلا أن يكون ذلك بالإحالة على ما سبق بيانه عنها في الحكم ، ولما كان ما أورده الحكم لا يفيد في مجموعه سوى الحديث عن الأفعال المادية التى اقترفها المحكوم عليهما والتى لا تنبئ بذاتها عن ثبوت نية القتل في حقهما إذ لم يكشف عن قيام هذه النية بنفسيهما بإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية التى تدل عليه وتكشف عنه ، وكان ما أورده في حديثه عن نية القتل من أن المتهمين لم يتركا المجنى عليه حتى تأكدا من مفارقته الحياة ، مستنداً في إثبات ذلك إلى أنهما أقرا بأنهما تركاه غارقاً في مياه بحر موسى ولم يتركا المكان إلا وقد تأكدا من وفاته لا يسانده إثباتاً واستخلاصاً إقرار المحكوم عليهما ـ حسب تحصيل الحكم المعروض ــــ ذلك أن ما أقرا به هو أنهما ـــــ بعد مقارفتهما السرقة وتكبيل المجنى عليه بحبل ـــــ تركاه ملقى على جسر البحر وأنه تقلب حتى سقط في البحر ولم يقوما بإنقاذه حتى لا يمسك بهما ، وهو ما يفيد أنهما ـ وحسبما قالا ـ لم ينقذا المجنى عليه حتى لا يمسك بهما دون أن يتعدى الأمر ذلك إلى قصدهما إزهاق روحه ، كما وأن الإقرار المتقدم لا يقطع بأنهما لم يتركا المجنى عليه حتى تأكدهما من مقتله ، ــــ حسبما ذهب الحكم ـــــ إذ ليس بلازم حتماً في العقل ولا في الواقع أن يكون السقوط في البحر قرين الوفاة ، فإن الحكم إذ حاد بإقرارى المحكوم عليهما ــــــ ثبوت القصد الجنائى لديهما في القتل العمد ـــــ عن نص ما أنبأ به وفحواه ، يكون باطلاً لابتنائه على أساس فاسد ، فضلاً عن أن ما جاء في هذا السياق لا يبلغ حد الكفاية ، ولا يغنى عن ذلك ما قاله الحكم من أن المحكوم عليهما قد قصدا قتل المجنى عليه، إذ أن قصد إزهاق الروح إنما هو القصد الخاص المطلوب إظهاره بإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية التى رأت المحكمة أنها تدل عليه بما يشوبه بعيب القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال بما يبطله .
ر 3585 س 81

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق